دنــــــــــانــيـــــــــــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دنــــــــــانــيـــــــــــــــــر

ثقافي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم


بحث عن:

المواضيع الأخيرة
»  جمهرة رسائل العرب
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 11, 2013 10:35 am من طرف شيرين عابدين

» فنـــــــــون
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالأربعاء مايو 29, 2013 8:40 pm من طرف شيرين عابدين

» تَأمَّلْ أقوالهم ... ولتكنْ أعمالـَك !
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالأربعاء مايو 29, 2013 8:18 pm من طرف شيرين عابدين

» رسالة قصيرة
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالأربعاء مايو 29, 2013 8:14 pm من طرف شيرين عابدين

» قصة كفاح ... ونجاح ...
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالإثنين مايو 06, 2013 11:10 pm من طرف شيرين عابدين

» مقتطفات من مجلة علم وخيال
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالإثنين مايو 06, 2013 11:06 pm من طرف شيرين عابدين

» قراءة في دفاتر بعض الحمير
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالخميس أبريل 25, 2013 1:41 pm من طرف شيرين عابدين

» ندوات ومؤتمرات
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالسبت أبريل 13, 2013 8:05 pm من طرف شيرين عابدين

» الموقع الرسمي لهيئة كبار العلماء والرئاسة العامة للإفتاء
قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالسبت فبراير 09, 2013 6:18 am من طرف شيرين عابدين


 

 قَرَابَةُ الْأَدَبِ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد جمال صقر
مشرف



عدد المساهمات : 26
تاريخ التسجيل : 19/04/2012

قَرَابَةُ الْأَدَبِ Empty
مُساهمةموضوع: قَرَابَةُ الْأَدَبِ   قَرَابَةُ الْأَدَبِ Icon_minitimeالثلاثاء مايو 01, 2012 11:42 pm

قَرَابَةُ الْأَدَبِ
أَوْ يَفْتَرِقْ نَسَبٌ يُؤَلِّفْ بَيْنَنَا أَدَبٌ أَقَمْنَاهُ مَقَامَ الْوَالِدِ

لمحمد جمال صقر

[1] قال محمد بن موسى : " سمعت عليَّ بن الجَهْمِ ، ذكر دِعْبِلًا فكَفَّرَه ولعنه وطعن على أشياء من شعره ، وقال : كان يكذب على أبي تمام ، ويضع عليه الأخبار ، ووالله ما كان مقاربا له . وأخذ في وصف أبي تمام ؛ فقال له رجل : لو كان أبو تمام أخاك ، ما زاد على مدحك له ! فقال : إِلّا يَكُنْ أَخًا بالنَّسَبِ ، فإنه أَخٌ بالأَدَبِ والدّينِ والمَوَدَّة . أما سمعت ما خاطبني به :
" إِنْ يُكْدِ مُطَّرَفُ الْإِخاءِ فَإِنَّنا نَغْدو وَنَسْـري في إِخاءٍ تالِدِ
أَوْ يَخْتَلِفْ ماءُ الوِصالِ فَماؤُنا عَذْبٌ تَحَدَّرَ مِنْ غَمامٍ واحِدِ
أَوْ يَفْتَرِقْ نَسَـبٌ يُؤَلِّفْ بَيْنَنا أَدَبٌ أَقَمْـناهُ مَقـامَ الْوالِدِ " * .
* الصولي : " أخبار أبي تمام " ، والتوحيدي : " البصائر والذخائر " ، نشرة موقع الوراق الألكتروني .
[2] ولقد يَسَّرَ لنا تأدُّبُنا على محمود محمد شاكر المُتَأَدِّبِ على مصطفى صادق الرافعي-رحمهما الله ! - أن نرى رأْيَ العَيْنِ ، كيف يَسْتَمرُّ الأدب من المؤدِّب إلى المُتَأَدِّب ، استمرارَ الدم من الأب إلى الابن ، تَعْطِفُ الأولَ على الآخِرِ أُبوَّةُ التَّأْديبِ ، وتَعْطِفُ الآخِرَ على الأول بُنوَّةُ التَّأَدُّب ، ثم تجمعهم أُخوَّة الأَدَبِ خُيولَ رِهانٍ ، تَعْدو مَعًا ، وتَظْهَرُ على هذه الحياة الدنيا كَرًّا وَفَرًّا وَإقبالًا وإدْبارًا ، مَعًا !
ولئن صار الرافعيُّ تراثا يَتَوارَثُهُ شاكرٌ كما قال ، وحَنانًا يَأْوي إليه ، لَبِما صار شاكرٌ مِقْياسَنا الذي نَقيس بِهِ الرجالَ كما قلتُ ، يُثني عليه ظاهرنا وباطننا وناطقنا وصامتنا ، كلٌّ يزعم أنه أصدق له ودًّا ، ولطريقته اتباعا ، وعليه ثناء ، غير أنه يصير إلى الصمت عجزا * !
* صقر ( الدكتور محمد جمال ) : " نجاة من النثر الفني : مقالات ومقامات " ، طبعة المدني بالقاهرة ، الأولى في 1421هـ=2000م ، 16 .
[3] ولَئِنْ كان عليُّ بْنُ الجَهْمِ كما قالوا ، من كَمَلَةِ الرجال ، لَبِما يُشْبِهْهُ محمود محمد شاكر ، دون أن يكون كَمالُهُما إلا العَقْلَ ، ولا ثَقافَتُهُما إلا الأدبَ .
نَقَلَ البغدادي - عليه وعلى بغداد السلام ! - :
" الأدبُ الذي كانت العرب تعرفه ، هو ما يَحْسُنُ من الأخلاق وفعل المكارم ، مثلُ تركِ السفهِ ، وبذلِ المجهودِ ، وحسنِ اللقاءِ . قال الغَنَويُّ :
لَمْ يَمْنَعِ النّاسُ مِنّي ما أَرَدتُّ ... البيت
كأنه ينكر على نفسه أن يعطيه الناس ولا يعطيهم .
واصطلح الناس بعد الإسلام بمدة طويلة على أن يسموا العالم بالنحو والشعر وعلوم العرب ، أديبا . ويسمون هذه العلوم الأدب ، وذلك كلام مُوَلَّدٌ ، لأن هذه العلوم حدثت في الإسلام . واشتقاقه من شيئين : يجوز أن يكون من الأَدْبِ وهو العَجَبِ ، ومن الأَدْبِ مصدر قولك : أدَ بَ فُلانٌ القومَ يأدِبُهم أَدْبًا ، إذا دعاهم . قال طَرَفَةُ :
نَحْنُ في الْمَشْتاةِ نَدْعو الْجَفَلى لا تَرى الْآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
فإذا كان من الأَدْبِ الذي هو العَجَب ، فكأنه الشيء الذي يُعْجَبُ منه لحسنه ، لأن صاحبه الرجل الذي يُعْجَبُ منه لفضله . وإذا كان من الأَدْب الذي هو الدعاء ، فكأنه الشيء يدعو الناس إلى المحامد والفضل ، فينهاهم عن المقابح والجهل . والفعل منه أدِبْتُ آدَبُ أدبا من باب فَرِحَ ، فأنا أَديبٌ . والمُتَأَدِّبُ : الذي قد أخذ من الأدب بحظ ، وهو مُتَفَعِّلٌ من الأَدَبِ ، يقال منه أَدُبَ الرجل يأْدُبُ إذا صار أديبا ، ومثل كرم ، إذا صار كريما " * .
* البغدادي ( عبد القادر بن عمر ) : " خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب " ، حققه وشرحه الأستاذ عبد السلام هارون ، وطبعه المدني الثانية في 1981م ، ونشره الخانجي بالقاهرة ، 9/432-433 . ولقد أورد البيت من قبل - في 9/431 - هكذا :
لا يَمْنَعُ النّاسُ مِنّي ما أَرَدتُّ وَلا أُعْطيهِمُ ما أَرادوا حُسْنَ ذا أَدَبا
شاهدا على أن ( حُسْنَ ) فيه للمدح والتعجب .
لكأنه لما تَأَصَّلَ بالمعنى الحادث ، تَأَصَّلَتْ له صيغةٌ مِنْ بابِ الْكَرَمِ الدالِّ على الطبائع الثابتة والسجايا الراسخة .
[4] من ثَمَّ لم يَكُنْ أَنْقَصَ عَقْلًا ، ولا أَسْوَأَ أَدَبًا ، مِنْ أن نترجم كلمة " Culture " الإنجليزية ، بكلمة " ثقافة " العربية ، بحيث لم يُسْتَغْرَبْ كما يقول بعض الباحثين ، " إذا ما تَعاظَمَ إنتاجُ الفكر وبدأ غَرْسُ القِيَمِ الجديدة وحَصْدُ ثِمارِ النهضة ، أن يطلق الإنسان الأوروبي لفظ " Culture " على هذه العملية . وأما عن دوره تجاه المجتمعات الأخرى فهو مفهوم يعبر عن عملية زرع القيم والأخلاق والمؤسسات الأوروبية ، في المجتمعات الأخرى ، تمهيدًا لحصاد هذه المجتمعات ، سواءٌ عقولٌ مبدعة تهاجر إلى المجتمع الأوربي أو مواردُ اقتصادية تغذي عجلة اقتصاده " * .
* باحث مجهول : " الثقافة في الفكر الغربي " ، نشرة موقع إسلام أون لاين الألكتروني .
أين دلالة الكلمة الإنجليزية على ضرورة إخضاع المثقف لغيره وضرورة خضوع غيره له جميعا معا ، بما في أصلها اللاتيني من معالم الحَرْث والزرع - من دلالة الكلمة العربية على ضرورة تقدير المثقف لنفسه وضرورة تقديره لغيره جميعا معا ، بما في أصلها العربي من معالم الفهم والحذق والفطنة والضبط والثبات والذكاء والتهذيب والتقويم والإدراك والظفر * !
* عارف ( الدكتور نصر ) : " الثقافة مفهوم ذاتي متجدد " ، نشرة موقع إسلام أون لاين الألكتروني .
[5] " أَيْنَ امْرؤُ القَيْـِس والعَذارى إِذْ مالَ مِنْ تَحْتِهِ الْغَبـيطُ
اسْتَنْبَطَ الْعُرْبُ في المَوامي بَعْدَكَ واسْتَعْرَبَ النَّبـيطُ "
صدق أبو بصير المعري ، وإن ألزم نفسه ما لم يكن يلزمها ؛ فإنما العروبة استيلاء اللغة العربية على التفكير والكلام ، لا على اللحوم والعظام ؛ فرُبَّ قرشي عجمي ، وعجمي قرشي !
[6] " أَيا جارَتا إِنّا أَديبانِ هاهُنا وَكُلُّ أَديبٍ لِلْأَديبِ نَسيبُ "
لكأني بي واقفا على امْرِئِ القَيْسِ مِنْ قَبْلِ أن ينتهى إلى مُخَلَّدِهِ ، أُحَرِّفُ له بيتَه ؛ فيعجبُه التَّحريف ، ويُدْهِشُهُ مَجْمَعُ ما بيني وبينه على انفراط الدهور ؛ فأُذَكِّرُهُ أَرْبعةَ الأعمالِ الكِبارِ التي نَظَمَ بها أَدَبَه ، أَنَّني تمسكتُ بها أصولًا لغوية تفكيرية لا أَزيغُ عنها حياةً ؛ فَدَفَقَتْهُ في أوردتي ؛ فيستنكر الاستطالة عليه ؛ فأفصِّلها له وكأنْ مجلسي بالجامعة قد انعَقَدَ ، مُتَذَمِّمًا من انعكاس المقامين :
أولها الإبدال ، وفيه يمر بمادة الكلام حتى يختار منها ما يلائمه ،
وثانيها الترتيب ، وفيه يصرِّف ما اختار حتى يضعه حيث يلائمه ،
وثالثها الحذف ، وفيه ينقص مما اختار ، ما يستغني عنه ،
وآخرها الإضافة ، وفيه يزيد فيما اختار ، ما لا يستغني عنه .
رائده في كل منها العَروض الذي طَرِبَ له أوَّلًا ؛ فأقبل يُغَنّيه ومَعازِفُهُ مفرداتُ الكلام العربي المبين .
فيُقْسم بهواه - قاتله الله ! - إنْ خطرت له تلك الأعمال ببال ؛ فأقسم بربّي - سبحانه ، وتعالى ! - إلا تكن خَطَرَتْ له أسماءً ، لقد خَطَرَ بها أفعالا ؛ فيُطْرِقُ منشدا :
" بَكى صاحِبي لمّا رَأى الدَّرْبَ دونَهُ وَأَيْقَنَ أَنّا لاحِقانِ بِقَيْصَرا
فَقُلْتُ لَه لا تَبْكِ عَيْنُكَ إِنَّما نُحاوِلُ مُلْكًا أَوْ نَمـوتَ فَنُعْذَرا " ،
نَدَمًا أَنْ لم يَنْتَجِبْ للرِّحْلة ؛ فَانْقَطَعَ ، وأنْ كانت إلى قَيْصَرٍ ؛ فَاسْتَعْجَمَ !
[7] ولقد يتعلق في ثقافتنا العربية الإسلامية ، الإسلامُ بالعروبة ، حتى لَيجوز لمن شاء الكمالَ ، أن يدَّعي أَلّا إسلامَ إلا بعروبة ، وأَلّا عروبةَ إلا بإسلام ؛ فباللغة العربية المبينة كان الكتاب وكانت السنة اللذان هما وطن عقيدة الإسلام ، وفَهِمَ وأَفْهَمَ غيرَهم العربُ الذين هم حَمَلة عقيدة الإسلام ، وبالإسلام كانت العلوم وكانت الفنون التي أشعلت في رأس جبل المجد نار اللغة العربية ، وتَعلَّم وعَلَّم غيرَهم اللغويون الذين هم حَمَلَةُ اللغة العربية .
[8] وإن الثقافة الإسلامية ، لؤلؤة ضخمة ، رملة قلبها العقيدة البينة بالكتاب والسنة ، وصَخْرَةُ جسمِها العلومُ والمعارف والخبرات والأقوال والأفعال والإقرارات ، التي انبنت لمعتقد هذه العقيدة ، بمعالجته النظر في نفسه وفيما حوله .
[9] وإن سمو أية ثقافة على غيرها ، إنما يكون بما تزيد في إنسانيَّة الإنسان ، وتُخْصِبُ من حياته ، وتنير من بصيرته - لا بما تزيد في حيوانيته ، وتُجْدِبُ من حياته ، وتُطْفِئُ من بَصيرته !
[10] وإن نسبة أية حضارة إلى منتسبها ، بحيث يقال : إسلامية ، ومسيحية ، إنما تكون بثقافتها التي هي جذر شجرتها ، على حينِ المادياتُ فرعُها ،وليس أصدقَ في تصوير الحضارة، من تشبيهها بالشجرة الحية ؛ فلا حياة لماديات الحضارة إلا بمعنوياتها ، ولا سُطوع لمعنوياتها إلا بمادياتها ، كما لا حياة لفرع الشجرة الحية إلا بجذرها ، ولا سُطوع لجذرها إلا بفرعها .
[11] وإن نسبة الأدب إلى الإسلام في " الأدب الإسلامي " ، هي من نسبة الفن إليه في " الفن الإسلامي " ، التي تجاري نسبة العلم إليه في " العلم الإسلامي " ، وكلتا النسبتين من نسبة الحضارة إليه في " الحضارة الإسلامية " ؛ فمن أبى نسبة الأدب ، أبى نسبة الفن والعلم والحضارة ، وأخفى رضاه عن عَوْلَمَةِ حضارة واحدة لم تسمح لغير أهلها إلا بالنَّقْصِ وإلا بالجَدْبِ وإلا بالعَمى .
ولأمرٍ ما قال بعض نقاد الحداثة : " على الرغم من أن للأيديولوجيا نسقًا مختلفًا عن الشعر والفن عامة ، إلا أن بينهما من الارتباط ما لا يمكن إغفاله أو تجاوزه . ولاينهض ذلك من أن الشعر موقف جمالي من الواقع فحسب ، بل ينهض أيضاً من أنه خطاب يتوسط بين المرسل والمتلقي اللذين لكل منهما موقعه ومنظوره ، بمعنى أن الشعر بوصفه موقفًا وخطابًا جماليين ، ينطوي بالضرورة على خطاب أيديولوجي ما . ومن ذلك ، فإن الشعر يتحدد أيديولوجيًّا ، مثلما يتحدد لغويًّا وذاتيًّا ، غير أن تحديده الأيديولوجي لايؤدي به إلى أن يتحول إلى أيديولوجية . وإذا ما حصل ذلك ، فإن انتفاء الشِّعْريِّ عن النص الذي من المفترض أن يكون شعريًّا ، يغدو أمرًا محتومًا أو شبه محتوم " * .
* كليب ( الدكتور سعد الدين ) : " وعي الحداثة : دراسات جمالية في الحداثة الشعرية " ، نشرة موقع اتحاد الكتاب العرب الألكتروني .
أجل !
وهل شفع له قبلُ ، حتى يشفع الآن !
لم يكن ليدَّعي في الإسلام ، إلا كما يدعي في القوم من ليس منهم ، ممَّن ربما كان مِنْ عدوِّهم !
" أَمّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً ، وَأَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ في الْأَرْضِ " ، صدق الحق ، سبحانه ، وتعالى!
[12] هذان مثالان : خبرُ وفود أبي جندلٍ عُبيدِ بنِ حُصَيْنٍ الراعي النُّمَيْريِّ ، على عبد الملك بن مروان ، يمدحه ويشكو إليه جباة الزكاة - وخبرُ مُذاكرة عليِّ بن الجَهْم السابق ذكره ، والبُحتريِّ في أشعار زمانهما .
أما راعي الإبل فقد وفد على أمير المؤمنين ، بلاميته التي مطلعها :
" أَوَليَّ أَمْـرِ اللهِ إِنّا مَعْشَـرٌ حُنَفاءُ نَسْـجُدُ بُكْرَةً وَأَصيلا
عُرْبٌ نَرى لِلّهِ في أَمْوالِـنا حَقَّ الزَّكـاةِ مُنَـزَّلًا تَنْزيـلا
قَوْمٌ عَلى الْإِسْـلامِ لَمّا يَمْنَعوا ماعونَهُمْ وَيُضَيِّعوا التَّهْليلا "
وكان يُعَقِّقُ من أولاده من لم يحفظها هي وداليَّته التي مطلعها :
" بانَ الْأَحبَّةُ بِالْعَهْدِ الَّذي عَهِدوا ... "
فقال له : ليس هذا شعرا ، هذا شَرْحُ إسلامٍ ، وقِراءةُ آيةٍ * !
* البغدادي : 3/146-147 ، والمرزباني ( أبو عبيد الله محمد بن عمران ) : " الموشح : مآخذ العلماء على الشعراء في عدة أنواع من صناعة الشعر " ، حققه محمد علي البجاوي ، وطبعته دار الفكر العربي بالقاهرة ، 210 .
وأما علي والبحتري فقد أفاضا في أشعار المحدثين إلى أن ذكرا أَشْجَعَ السُّلَميَّ ، فقال عليٌّ للبحتري : إنه يُخْلي . واضطره شعرُ السُّلَميِّ إلى أن يعيدها عليه مَرّاتٍ ، ولم يفهمها !
قال البحتري : " وأنفتُ أن أسأله عن معناها ، فلمّا انصرفتُ أَفْكَرْتُ في الكلمة ، ونظرتُ في شعر أشجع ، فإذا هو ربما مرت له الأبيات مَغْسولةً ليس فيها بيت رائع ، وإذا هو يريد هذا بعينه ، أَنَّه يعمل الأبيات ، ولا تُصيب فيها بيتًا نادرًا ، كما أن الرامي إذا رمى برَشْقِهِ ، فلم يُصبْ فيه بشيء ، قيل : أَخْلى " * .
ثم قال البحتري : " وكان علي بن الجهم عالما بالشعر " * .
* المرزباني : 362 .
لن يجد الإسلام من الأدب حين يخرج لَوْكًا له ، على رغم نِعْمة التَّعَلُّق به ، إلا ما يجد كِتابُه من تفسيره حين يخرج تكرارا له ، حتى قال بعض النقاد ، في أهل هذا النمط من التفسير : يمحو الواحد منهم عبارة " قرآنٌ كريمٌ " ، من على غلاف المصحف ، ويثبت في موضعها عبارة " تأليفُ الدكتور فلان " !
ولأمر ما قال الزمخشري :
" قَدْ فَسَّرَ النّاسُ لكِنْ لا غَناءَ بِهِ فَالْجَهْلُ كَالدّاءِ وَالْكَشّافُ كَالشّافي " !
[13] ولقد اجتمع رأي جماعة من دعاة الأدب الإسلامي ، على إنشاء هيئة أدبية عالمية بعيدة من الصراعات السياسية والحزبية ، تضمّ الأدباء المنتسبين إليها ؛ فتوثّق أخوتهم في الكلمة الطيبة الهادفة ، وترعى أدبهم ، وتُجلّي مبادئه ، وتُبيِّن أهدافه ، وتنشره على العالم - لمّا دعاهم كما قالوا ، " واجبُ الدعوة إلى الله عز وجل عن طريق الكلمة الأصيلة الملتزمة ، وغربةُ الأدب الإسلامي ، وسيطرةُ الأدب المزوّر على العالمين العربي والإسلامي " * .
التقوا برئاسة أبي الحسن الندْوي صاحب الدعوة الأولى - رحمه الله ! - ودعوا إلى المؤتمر الأول للهيئة العامة في رحاب جامعة ندوة العلماء بمدينة لكنو الهندية ، في 1406هـ=1986م ، فوضعوا نظاما أسـاسيا ، وانتخبوا مجلس أمناء ، وأبا الحسن الندوي رئيسًا مدى الحياة ، وأثبتوا هيئتهم بسِجِلِّ المدينة الهندية رابطةً رسمية ، ثم نقلوها إلى مدينة الرياض السعودية ، في 1421هـ=2000 م ، بعد وفاة الندوي - رحمه الله ! - وانتخبوا الدكتور عبد القدوس أبو صالح ، أحد مؤسسيها ، رئيساً لها .
[14] ولقد أرادوا الثلاثة عشر مرادا التالية :
" تأصيلُ الأدب الإسلامي وإبرازُ سماته في القديم والحديث . إرساءُ قواعد النقد الأدبي الإسلامي . صياغةُ نظرية متكاملة للأدب الإسلامي . وضعُ مناهج إسلامية للفنون الأدبية الحديثة . إعادةُ كتابة تاريخ الأدب الإسلامي في آداب الشعوب الإسلامية . جمعُ الأعمال الأدبية الإسلامية المتميزة ، ونقلُها إلى لغات الشعوب الإسلامية وغيرها من اللغات العالمية . العنايةُ بأدب الأطفال . نقدُ المذاهب الأدبية المنحرفة ، وإيضاحُ سلبياتها . تعزيزُ عالمية الأدب الإسلامي . توثيقُ الصلات بين الأدباء الإسلاميين ، وإقامةُ التعاون بينهم ، وجمعُ كلمتهم على الحق وفق منهج الحكمة والاعتدال . إسهامُ الأدب الإسلامي في تنشئة الأجيال المؤمنة ، وصياغةِ الشخصية الإسلامية المعتزة بدينها القويم وتراثها العظيم . تيسيرُ وسائل النشر لأعضاء الرابطة . الدفاعُ عن الحقوق الأدبية للرابطة وأعضائها " * .
[15] وانطلقوا إلى نيل تلك المرادات من المبادئ الستة عشر التالية ، التي تتضمن ما يمكن أن يعد خصائص الأدب الإسلامي الذي أرادوا :
" الأدبُ الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون وفق التصور الإسلامي . الأدبُ الإسلامي ريادة للأمة ، ومسؤولية أمام الله عز وجل . الأدبُ الإسلامي أدب ملتزم ، والتزامُ الأديب فيه التزام عفوي نابع من التزامه بالعقيدة الإسلامية ، ورسالته جزء من رسالة الإسلام العظيم . الأدبُ طـريق مهـم من طرق بناء الإنسان الصالح والمجتمع الصالح ، وأداةٌ من أدوات الدعوة إلى الله عزّ وجلّ والدفاع عن الشخصية الإسلامية . الأدبُ الإسلامي مســؤول عن الإسهـام في إنقاذ الأمة الإسلامية من محنتها المعاصرة ، والأدباءُ الإسلاميون أصحاب ريادة في ذلك . الأدبُ الإسلامي حقيقة منذ انبلج فجر الإسلام ، وهو يستمد عطاءه من مشكاة الوحي وهَدْي النبوة ، ويمتد عبر العصور إلى عصرنا الحاضر ليسهم في الدعوة إلى الله عز وجل ، ومحاربة أعداء الإسلام والمنحرفين عنه . الأدبُ الإسلامي هو أدب الشعوب الإسلامية على اختـلاف أجناسها ولغاتها ، وخصائصُه هي الخصائص الفنية المشتركة بين آداب الشعوب الإسلامية كلها . يقــدم التصـور الإسلامي للإنسان والحياة والكون - كمـا نجده في الأدب الإسلامــي - أصولا لنظرية متكاملة في الأدب والنقد ، وملامح هذه النظرية موجودة في النتاج الأدبي الإسلامي الممتد عبر القرون المتوالية . يـرفض الأدب الإســلامي أية محاولة لقطع الصلة بين الأدب القديم والأدب الحديث بدعوى التطور أو الحداثة أو المعاصَرة ، ويرى أن الحديث مرتبط بجذوره القديمة . يرفـض الأدب الإسلامي النظريات والمذاهب الأدبية المنحرفة ، والأدب العربي الـمزوّر ، والنقد الأدبي المبني على المجاملة المشبوهة ، أو الحقد الشخصي ، كما يرفض لغـــة النقد التي يشوّهها الغموض وتفشو فيها المصطلحات الدخيلة والرموز المشبوهة ، ويدعو إلى نقد واضح بنّاء ، يعمل على ترشيد مسيرة الأدب ، وترسيخ أصوله . الأدبُ الإسلامي أدب متكامل ، ولا يتحقق تكامله إلا بتآزر المضمون مع الشكل . الأدبُ الإسلامي يفتح صدره للفنون الأدبية الحديثة ، ويحرص على أن يقدمهـا للناس وقد برئت من كل ما يخالف دين الله عز وجل ، وغَنِيَتْ بما في الإسلام من قيم سامية وتوجيهات سديدة . اللغةُ العربية الفصحى هي اللغة الأولى للأدب الإسلامي الذي يرفض العامية ، ويحارب الدعوة إليها . الأديبُ الإسلامي مؤتمن على فكر الأمة ومشاعرها ، ولا يستطيع أن ينهض بهذه الأمانة إلا إذا كان تصوره العقدي صحيحًا ، ومعارفه الإسلامية كافية . الأدباءُ الإسلاميون متقيدون بالإسلام وقيمه ، وملتزمون في أدبهم بمبادئه ومثله . إن رابطة العقيدة هي الرابطةُ الأصيلة بين أعضاء رابطة الأدب الإسلامي العالمية جميعاً ، ويضـاف إليها آصرةُ الزمالة الأدبية التي تُعَدّ رابطةً خاصة ، تشدّ الأدباء الإسلاميين بعضهم إلى بعض ، مع وحدة المبادئ والأهداف التي يلتزمون بها " * .
* " النعريف بالرابطة " ، و" النظام الاساسي " ، و" ما هو الأدب الإسلامي " ، نشرة موقع رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، الألكتروني .
[16] لا ريب في ضرورة الغضب المستمر على الواقع المُزري ، سبيلا إلى التغيير .
ثُمَّ لا ريب في جدوى المؤازرة الطبيعية في العمل الجماعي ؛ فيدُ الله- سبحانه ، وتعالى !- مع الجماعة ، وحيثما يَمَّمنا وجدنا الذئبَ يأكل منّا شاةً قاصيةً .
ثُمَّتَ لا ريب في شرف البذل للثقافة والمثقفين ، تيسيرا وتمكينا .
ولكنَّ الريب في مقابلة اللغة العربية في المبادئ ، باللهجات العربية ، لا باللغات الغير العربية ، وإن كانت لغات شعوب أخرى من هذه الأمة ، وفيما سبق من بيان علاقة الإسلام بالعربية ، بلاغ .
ثُمَّ لكنَّ الرَّيْب في ذلك التعهد باطراح الصراعات السياسية والحزبية ، وكأنه وفاء بما شَرَطَ الباذِلُ !
ثُمَّتَ لكنَّ الريبَ في أن تلتبس " سيطرة الأدب المزور على العالمين العربي والإسلامي " ، على كثير من الأدباء الإسلاميين ، بحيث يطَّرح ما سوى ما تقره الرابطة ، في سبيل تأكيد الولاء بالبراء !
وحَسْبُنا التنبيهُ على ما لرئيس الرابطة الدكتور عبد القدوس أبو صالح نفسه ، من تحقيقات مشهورة عندنا ، لبعض كتب الأدب القديم ، من مثل : " يزيد بن مفرغ الحميري وشعره" ، و" تحقيق وشرح ديوان ذي الرمة لأبي نصر الباهلي " .
فإن يزيد شاعر مشهور بمخالفاته على أمير المؤمنين ، في مثل قوله :
" أَلا أَبْلِغْ مُعاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ مُغَلْغَـةً مِنَ الرَّجُلِ الْيَمـاني
أَتَغْضَبُ أَنْ يُقالَ أَبوكَ عَفٌّ وَتَرْضى أَنْ يُقالَ أَبوكَ زانِ " !
وإن ذا الرمة شاعر مشهور بصحبة عزة التي حَكَّمها عليه ، بقوله :
" أَسيئي بِنا أَوْ أَحْسِني لا مَلومَةً لَدَيْنا وَلا مَقْليَّةً إِنْ تَقَلَّتِ " !
[17] ليس مجهولا على الزمان ، بُعْدُ هِمَمِ الثُّوار للعقائد الصحيحة الطيبة ، وجلال غاياتهم . ولكن المجهول ما يكون منهم بعد هدوء ثورتهم !
أخشى أن يكون أهلنا الأدباء الرابطيّون ، قد اكتفوا ببعض ما شرطوا على أنفسهم ، دون أن يغنيهم ولا أن يغنينا ، عن بعضه .
إننا لا نجدهم كلما أردناهم ، ولا حيثما أردناهم ، ولا على ما أرادوا لأنفسهم وأردنا لهم ؛ فإذا وجدناهم ، كانوا كما قال أمير المؤمنين ، شُرّاحَ إسلام وقُرّاءَ آيات .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قَرَابَةُ الْأَدَبِ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
دنــــــــــانــيـــــــــــــــــر :: دنانير الأدباء والمفكرين :: دنانير الدكتور محمد جمال صقر-
انتقل الى: