((ملاك وشيطان))
فى يوم من الأيام طلب الملك من
فنان أن يرسم له لوحتين إحداهما تمثِّل الخير وتكون لوحة ملاك،والأخرى لوحة تمثِّل
الشر وتكون لوحة شيطان،حتى يضعهما على باب القصر فيتعَّظ الناس عند رؤيتهما، ووعد
الملك الفنان بمكافأة كبيرة عند انتهائه من عمله هذا.
وبالفعل بدأ الفنان رحلة بحثه عن
شبيه الملاك أولاً حتى يتم اللوحة الأولى.
وظل يبحث ويبحث وأثناء مروره فى
إحدى الطرقات يومًا رأى طفلاً وديعًا،تبدو على وجه الطيبة وكأنه أقرب
للملاك،وبالفعل ذهب الفنان لأهل الطفل لياخذ الإذن منهم لرسم الطفل،ووافق أهل
الطفل على رسم الطفل مقابل المال.
وبدأ الفنان يجتمع بالطفل كل يوم
لمدة ساعة أو اكثر ليراقب تصرفه ويرسمه ،وانتهى من رسم الطفل بعد شهر وقد أضاف إلى
اللوحة تفاصيل أخرى لتبدو وكأنها لملاك.
فرح الفنان كثيرًا وكذلك الملك
بانتهاء اللوحة الأولى وجودتها.
ثم بدأ الفنان فى التفكير فى رسم
اللوحة الثانية والتى تمثِّل الشيطان.
وبدأت رحلة البحث عن شبيه
الشيطان،لكن للأسف كلما رأى شخصًا وظن أنه من الممكن أن يكون صاحب اللوحة يتراجع
عن هذا ويدرك أنه ظلمه لأن الشخص لم يصل لدرجة الشيطان.
وظل يبحث ويبحث دون جدوى،مرت سنوات
ورحلة البحث مستمرة...
عشرون سنة مرت دون أن يجد الشخص
المراد،الشخص الذى يراه شبيهًا للشيطان،خاف الملك أن يموت دون أن يرى اللوحة
المرادة ،أو يموت الفنان دون أن يُكمل عمله برسم لوحة الشيطان.
فأذاع الملك خبرًا:وهو،مكافأة
للشخص الذى يراه الفنان شبيهًا للشيطان،وأى إلى الفنان أناسٌ كثيرون يظن كل منهم
أنه شبيه الشيطان،كل المجرمين تنافسوا على هذا اللقب،لكن للأسف لم يجد الفنان من
بينهم الشخص المراد.
وأثناء سيره يومًا رأى شخص يبدو
على وجهه غضب الرحمن،شكله سىء للغاية،وجهه دميم،شعره طويل وسىء،أسنانه سقطت،ويشرب
الخمر آناء الليل وأطراف النهار،لا يفعل إلا الرذائل،ولا ينطق إلا بسىء.
ذهب إليه وطلب منه ان يرسمه،وما
كان من هذا الشخص إلا أن قام بسب الفنان وضربه،ثم قال له:سأرسمك مقابل المال الذى
تريده.
وحينها وافق هذا الشخص.
وظل يلتقى بالفنان كل يوم،يرسمه
فيها الفنان لمدة شهر ويضيف ما يشاء من تفاصيل ليبدو أقرب للشيطان فهو فى النهاية
بشر،وفى آخر يوم وأثناء قيام الفنان بعمله ،فوجئ بالرجل يبكى،فقال له الفنان:لمَ
البكاء لا تحزن سأعطيكَ ماشئت من المال،فقال الرجل :ياهذا،أنا لا أبكى من أجل من
المال!
فقال الفنان:إذن ،فلمَ البكاء؟فقال
له الرجل:لأنى الآن رأيت لوحة الملاك الذى رسمتها انت من عشرين سنة،وكنت انا حينها
طفل،وتذكرت حين طلبت من أهلى أن ترسمنى لأنى أشبه الملاك وها انتَ اليوم ترسمنى
لأنى أشبه بالشيطان.
***بداخلنا ملاك وشيطان فلنجتهد فى نصرة الملاك الذى بداخلنا!
المصدر..برنامج إذاعى..